فصل: سنة ست وعشرين وأربعمئة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة ست وعشرين وأربعمئة:

البلاء بحاله ببغداد، من جهة الحرامية بل أشد، ووكثر القتل، وعظم النهب، وخذل السلطان والأمراء، حتى لو حالوا دفع فسادٍ لزاد، وتملّك العيّارون ببغداد في المعنى.
وفيها غزا مسعود بن محمود بن سبكتكين بلاد الهند، فوصل كتابه، بأنه قتل من القوم خمسين ألفاً، وسبى منهم سبعين ألفاً، وبلغت الغنيمة ما يقارب ثلاثين ألف ألف درهم، ولكن رجع، وقد استولت الغزُّ على بلاده، فحاربهم وجرت لهم أمور طويلة.
وفيها توفي ابن شهيد، الأديب أبو عامر أحمد بن عبد الملك بن مروان بن ذي الوزارتين، أحمد بن عبد الملك بن عمر بن شهيد الأشجعي القرطبي الشاعر، حامل لواء البلاغة والشعر بالأندلس. قال ابن حزم: توفي في جمادى الأولى، وصلّى عليه أبو الحزم جهور، ولم يخلف له نظيراً في الشعر والبلاغة، وكان سمحاً جواداً، عاش بضعاً وأربعين سنة.
وأبو محمد بن الشقَّاق عبد الله بن سعيد، كبير المالكية بقرطبة، ورأس القرَّاء، توفي في رمضان، وله ثمانون سنة، أخذ عن أبي عمر بن المكوي وطائفة.
وأبو بكر المنيني، محمد بن رزق الله بن أبي عمرو الأسود، خطيب منين. روى عن علي بن أبي العقب، والحسين بن أحمد بن أبي ثابت وجماعة. قال الوليد الدربندي:، لم يكن بالشام من يكتني بأبي بكر غيره، وكان ثقة. وقال الكتَّاني: توفي في جمادى الأولى، وله أربع وثمانون سنة، وكان يحفظ القرآن بأحرفٍ.
وأبو عمر الرزجاهي، محمد بن عبد الله بن أحمد البسطامي الفقيه الأديب المحدث، تفقه على أبي سهل الصَّعلوكي، وأكثر عن ابن عدي وطبقته، ومات في ربيع الأول، وله خمس وثمانون سنة، ورزجاه من قرى بسطام، وقد تضم راؤها، وكان يقرئ العربية.

.سنة سبع وعشرين وأربعمئة:

فيها دخل العيّارون- وهم مئة من الأكراد والأعراب- وأحرقوا دار صاحب الشرطة، أبي محمد بن النسوي، وفتحوا خاناً، وأخذوا ما فيه. وأخذوا بالكارات، والناس لا ينطقون.
وفيها شغبت الجند على الملك جلال الدَّولة، وقالوا له اخرج عنّا. فقال: أمهلوني ثلاثة أيام، وجرت فصول طويلة، ثم تركوه لضعفهم، وردّوه إلى السلطنة.
وفيها توفي أبو إسحاق الثَّعلبي أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري المفسّر. روى عن أبي محمد المخلدي، وطبقته من أصحاب السرّاج، وكان حافظاً واعظاً، رأساً في التفسير والعربية، مت ين الديانة، توفي في المحرم.
وأبو النعمان، تراب بن عمر بن عبيد المصري الكاتب، روى عن أبي أحمد بن الناصح وجماعة، توفي في ربيع الآخر بمصر، وله خمس وثمانون سنة.
وأبو القاسم حمزة بن يوسف السَّهمي الجرجاني الحافظ، من ذرّية هشام ابن العاص، سمع سنة أربع وخمسين، من محمد بن أحمد بن إسماعيل الصرَّام صاحب محمد بن الضريس، ورحل إلى العراق، سنة ثمان وستين، فأدرك ابن ماسي، وهو مكثر عن ابن عديّ والإسماعيلي، وكان من أئمة الحديث، حفظاً ومعرفة وإتقاناً.
والفلكي، أبو الفضل علي بن الحسين الهمذاني الحافظ، رحل الكثير، وروى عن أبي الحسين بن بشران، وأبي بكر الحيري وطبقتهما، ومات شاباً قبل أوان الرواية، ولو عاش لما تقدّمه أحد في الحفظ والمعرفة، لفرط ذكائه وشدة اعتنائه، وقد صنّف كتاب المنتهى في الكمال في معرفة الرجال في ألف جزء، لم يبيضه.
وقال شيخ الإسلام الأنصاري: ما رأيت أحداً أحفظ من أبي الفضل بن الفلكي، قلت مات بنيسابور، وكان جدّه يلقب بالفلكي، براعته في الهيئة والحساب، وغير ذلك.
والظاهر لإعزاز دين الله، عليّ بن الحاكم منصور بن العزيز نزاز بن المعز العبيدي المصري، صاحب مصر والشام، بويع بعد أبيه، وشرعت دولتهم في انحطاط، منذ ولي، وتغلب حسّان بن مفرِّج الطائي، على أكثر الشام، وأخذ صالح بن مرداس حلب، وقوي نائبهم على القيروان، وقد وزر للظاهر، الوزير نجيب الدولة، علي بن أحمد الجرجائي، وكان هذا أقطع اليدين من المرفقين، قطعهما الحاكم، في سنة أربع وأربعمئة، فكان يكتب العلامة عنه، القاضي القضاعي. ولما توفي الظاهر، فبايعوا بعده لولده المستنصر، وهو صبيّ.
ومحمد بن المزكِّي، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى أبو عبد الله النيسابوري، مسند نيسابور في زمانه، روى عن أبيه، وحامد الرفّا، ويحيى بن منصور القاضي، وأبي بكر بن الهي ثم الأنباري وطبقتهم، سمع منه الشِّيروي.

.سنة ثمان وعشرين وأربعمئة:

فيها أيضاً شغب العسكر على المعتز جلال الدولة وآخر الأمر، قطعت خطبته من العراق، وأقيمت لأبي كاليجار، ثم تابوا، فخطبوا لهما معاً، ثم مشى حال جلال الدولة، وشدَّ منه القائم بأمر الله.
وأما أمر العيارين، فكما تعهد في السنن الماضية بل أشد، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
وفيها توفي أحمد بن محمد بن علي بن منجويه الحافظ، أبو بكر الأصبهاني اليزدي، نزيل نيسابور ومحدّثها، صنّف التصانيف الكثيرة، ورحل ووصل إلى بخارى، وحدَّث عن أبي بكر الإسماعيلي، وأبي بكر بن المقري وطبقتهما. روى عنه شيخ الإسلام وقال: هو أحفظ من رأيت من البشر.
قلت: توفي في المحرم، وله إحدى وثمانون سنة، صنّف على البخاري ومسلم والترمذي، وكان عديم المثل.
وأبو بكر بن النَّمط، أحمد بن محمد بن الصقر البغدادي المقري، ثقة ومسلم ةالترمذي، وكان عديم المثل.
وأبو بكر بن النَّمط، أحمد بن محمد بن الصقر البغدادي المقري، ثقة عابد، روى عن أبي بكر الشافعي، وفاروق وطبقتهما.
وأبو الحسين القدوري، أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن حمدان البغدادي الفقيه، شيخ الحنفية بالعراق، انتهت إليه رئاسة المذهب وعظم جاهه وبعد صيته، توفي في رجب، وله ست وستون سنة، رحمه الله.
وفيها أبو علي بن سينا، الرئيس الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا صاحب التصانيف الكثيرة، في الفلسفة والطب، ومن له الذكاء الخارق، والذهن الثاقب، أصله بلخيّ، ومولده ببخارى، وكان أبوه من دعاء الإسماعيلية، فأشغله في الصغر، وحصَّل عدة علوم قبل أن يحتلم، وتنقل في مدائن خراسان والجبال وجرجان، ونال حشمة وجاهاً، وعاش ثلاثاً وخمس ين سنة. قال ابن خلّكان في ترجمة ابن سينا: اغتسل وتاب وتصدّق بم معه على الفقراء، وردّ المظالم وأعتق مماليكه، وجعل كل ثلاثة أيام ختمة، ثم مات بهمذان، يوم الجمعة، في شهر رمضان.
وذو القرنين، أبو المطاع بن السحن بن عبد الله بن حمدان، وجيه الدَّولة بن الملك ناصر الدولة الموصلي، الأديب الشاعر الأمير، وليّ إمرة دمشق، سنة إحدى وأربعمئة، وعزل بعد أشهر من جهة الحاكم، ثم وليها للظاهر، سنة اثنتي عشرة، وعزل، ثم وليها ثالثاً، سنة خمس عشرة، فبقي إلى سنة تسع عشرة، وله شعرٌ فائق، توفي في صفر.
وعبد الغفار بن محمد المؤدِّب، أبو طاهر البغدادي، روى عن أبي بكر الشافعي، وأبي علي بن الصواف، وعاش ثلاثاً وثمانين سنة.
وعثمان بن محمد بن يوسف بن دوست العلاف، أبو عمرو البغدادي، صدوق. روى عن النجّاد، وعبد الله بن إسحاق الخراساني توفي في صفر.
وأبو الحسن الحنائي، علي بن محمد بن إبراهيم الدمشقي، المقري المحدث الحافظ الزاهد. روى عن عبد الوهاب الكلابي وخلق، ورحل إلى مصر، وخرّج لنفسه معجماً كبيراً. قال الكتَّاني: توفي شيخنا وأستاذزنا أبو الحسن، في ربيع الأول، وكان من العبّاد، وكانت له جنازة عظيمة، ما رأيت مثلها، وعاش ثمانياً وخمسين سنة.
وأبو علي، محمد بن أحمد بن أبي موسى العاشمي البغدادي الحنبلي، صاحب التصانيف، ومن إليه انتهت رئاسة المذهب، أخذ عن أبي الحسن التميمي وغيره، وحدَّث عن ابن المظفّر، وكان رئيساً رفيع القدر، بعيد الصيت.
وابن باكويه، الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبيد الله الشيرازي الصوفي، أحد المشايخ الكبار، وصاحب محمد بن خفيف، رحل وعني بالحديث، وكتب بفارس والبصرة وجرجان وخراسان وبخارى ودمشق والكوفة وأصبهان فأكثر، وحدَّث عن أبي أحمد بن عدي والقطيعي وطبقتهما.
قال أبو صالح المؤذِّن: نظرت في أجزائه فم أجد عليها آثار السماع، وأحسن ما سمعت عليه الحكايات.
ومهيار بن مرزويه الدَّيلمي، أبو الحسن الكاتب الشاعر المشهور، كان مجوسياً، فأسلم على يد أستاذه في الأدب، الشر يف الرضي، فطلع رافضياً جلداً، وديوانه في ثلاثة مجلدات، وكان مقدّماً على شعراء العصر.

.سنة تسع وعشرين وأربعمئة:

فيها توفي أبو عمر الطلمنكي، أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى المعافري الأندلسي المقري المحدّث الحافظ، عالم أهل قرطبة صاحب التصانيف، وله تسعون سنة. روى عن أبي عيسى اللَّيثي، وأحمد بن عون الله، وحجّ، فأخذ بمصر عن أبي بكر الأرموي وأبي بكر المهندس، وخلق كثير. وكان خبيراً في علوم القر آن، تفسيره وقراءاته وإعرابه وأحكامه ومعانيه، وكان ثقة، صاحب سنّة واتباع، ومعرفة بأصول الديانة.
قال ابن بشكوال: كان سيفاً مجرَّداً على أهل الأهواء والبدع، قامعاً لهم، غيوراً على الشريعة، شديداً في ذات الله تعالى رحمه الله.
وأبو يعقوب القرّاب، إسحاق بن إبراهيم بن محمد السرخسي، ثم الهروي الحافظ، محدّث هراة، وله سبع وسبعون سنة. روى عن زاهر بن أحمد السرخسي وخلق كثير، وزاد عدد شيوخه على ألف ومائتي نفس، وصنّف تصانيف كثيرة، وكان زاهداً صالحاً، مقلاًّ من الدنيا.
ويونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث، قاضي الجماعة بقرطبة، أبو الوليد، ويعرف بابن الصفّار، وله إحدى وتسعون سنة. روى عن محمد بن معاوية القرشي، وأبي عيسى اللّيثي والكبار. وتفقه على أبي بكر ابن زرب، وولي القضاء مع الخطابة والوزارة، ونال رئاسة الدين والدنيا. وكان فقيهاً صالحاً عدلاً، حجّة علامة في اللغة والعربية والشعر، فصيحاً مفوهاً، كثير المحاسن، له مصنفات في الزهد وغيره، توفي في رجب.

.سنة ثلاثين وأربعمئة:

فيها قويت شوكة الغزّ، وتملك بنو سلجون خراسان، وأخذوا البلاد من السلطان مسعود.
وفيها لقِّب أبو منصور بن السلطان جلال الدولة، بالملك العزيز، وهو أول من لقِّب بهذا النوع من ألقاب ملوك زماننا.
وفيها توفي أبو نعيم الأصبهاني، أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ الصوفي الأحول، سبط الزاهد محمد بن يوسف بن البنا، بأصبهان، في المحرم، وله أربع وتسعون سنة. اعتنى به أبوه، وسمّه في سنة أربع وأربعين وثلاثمئة، وبعدها استجار له خيثمة الأطرابلسي والأصم وطبقتهما، وتفرّد في الدنيا بعلّو الإسناد، مع الحفظ والاستجاؤ من الحديث وفنونه. روى عن ابن فارس والعسّال، وأحمد بن معبد السمسار، وأبي علي بن الصواف، وأبي بكر بن خلاد وطبقتهم، بالعراق والحجاز وخراسان، وصنَّف التصانيف الكبار المشهورة في الأقطار.
وأحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحرث التميمي، أبو بكر الأصبهاني المقري النحوي، سكن نيسابور، وتصدَّر للحديث والإقراء العربيّة، وروى عن أبي الشيخ وجماعة، ورى السُّنن عن الدارقطني، توفي في ربيع الأول، وله إحدى وثمانون سنة.
والحيري، أبو عبد الرحمن إسماعيل بن أحمد النيسابوري الضرير المفسّر.
روى عن زاهر بن أحمد السرخسي وطبقته، وصنّف التصانيف في القراءات والتفسير والوعظ والحديث، وكان أحد الأئمة.
قال الخطيب: قدم علينا حاجّاً، ونعم الشيخ كان علماً وأمانة وصدقاً وخلقاً. ولد سنة إحدى وستين وثلاثمئة، وكان معه صحيح البخاري، فقرأت جميعه عليه في ثلاثة مجالس وقال عبد الغافر: كان من العلماء العاملين، نفّاعاً للخلق مباركاً.
والدَّبوسي، القاضي العالامة أبو زيد عبد الله بن عمر بن عيسى الحنفي- ودبوسة: بليدة بين بخاري وسمرقند- كان أحد من يضرب به المثل في النظر واستخراج الحجج، وهو أول من أبرز علم الخلاف إلى الوجود، وكان شيخ تلك الديار، توفي ببخارى.
وابن بشران، المحدّث أب القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله ابن بشران بن محمد الأموي مولاهم البغدادي الواعظ، مسند وقته ببغداد، في ربيع الآخر، وله إحدى وتسعون سنة، سمع النجّاد، وأبا سهل القطّان، وحمزة الدهان وطبقتهم.
قال الخطيب: كان ثقة ثبتاً صالحاً، وكان الجمع في جنازته يتجاوز الحدّ، ويفوت الإحصاء، رحمه الله.
وأبو منصور الثعالبي، عبد الملك بن محمد بن إسماعيل النيسابوري الأديب الشاعر، صاحب التصانيف الأدبية السائرة في الدنيا، عاش ثمانين سنة.
والحوفي، مؤلف الاعراب للقرآن في عشرة مجلدات وتلميذ الأدفوي، انتفع به أهل مصر، وتخرّجوا به في النحو، واسمه أبو الحسن علي بن إبراهيم.
وأبو عمران الفاسي، موسى بن عيسى بن أبي حاج البربري الغفجومي- وغفجوم بطن من زناتة قبيلة من البربر بالمغرب- شيخ المالكية بالقيروان، وتلميذ أبي الحسن القابسي. دخل الأندلس، وأخذ عن عبد الوارث بن سفيان وطائفة، وحجّ مرات، وأخذ علم الكلام ببغداد، عن ابن الباقلاَّني، وقرأ على الحمامي، وكان إماماً في القراءات، بصيراً في الحديث، رأساً في الفقه، تخرج به خلق في المذهب، ومات في رمضان، وله اثنتان وستون سنة.

.سنة إحدى وثلاثين وأربعمئة:

فيها توفي أبو الحسن بشرى بن عبد الله الرومي الفاتني، ببغداد، يوم الفطر، وكان صالحاً صدوقاً، روى عن أبي بكر بن الهيثم الأنباري، وخلق.
وابن دوما، أبو علي الحسن بن الحسين النعالي، بغداد ضعيف، ألحق نفسه في طباق. روى عن أبي بكر الشافعي وطائفة.
وصاعد بن محمد بن أحمد القاضي أبو العلاء الأستوائي النيسابوري الحنفي، قاضي نيسابور، ورئيس الحنفية وعالمهم، توفي في آخر السنة روى عن إسماعيل بن نجيد وجماعة، وعاش سبعاً وثمانين سنة.
وابن الطبيز، وأبو القاسم عبد الرحمن بن عبد العزيز الحلبي السراج الرامي، نزيل دمشق، وله مئة سنة. روى عن محمد بن عيسى العلاف، وابن الجعابي، وجماعة. تفرّد في الدنيا عنهم، وهو ثقة. توفي في جمادى الأولى، وفيه تشيُّع، آخر من روى عنه الفقيه نصر المقدسي.
وعثمان بن أحمد، أبو عمرو القسطاني القرطبي، نزيل إشبيليّة، سمّعه أبوه الموطأ من أبي عيسى اللَّيثي، وسمع من أبي بكر بن السَّلم، وابن القوطيّة، وجماعة. وكان ثقة خيَّراً، توفي في صفر، وله ثمانون سنة.
وأبو العلاء الواسطي، محمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن يعقوب، القاضي المقرئ المحدِّث، قرأ بالروايات على جماعة كثير ة، وجرَّد العناية لها، وأخذ بالدِّينور عن الحسين بن محمد بن حبش، وروى عن القطيعي ونحوه، حكى عنه الخطيب أشياء توجب ضعفه، ومات في جمادى الآخرة، وله اثنتان وثمانون سنة.
وأبو الحسن محمد بن عوف المزِّي الدمشقي، وكانت كنيته الأصلية أبا بكر، فلما منعت الدولة الباطنية، من التكنِّي بأبي بكر، تكنَّي بأبي الحسن. روى عن أبي علي الحسن بن منير والميانجي وطائفة.
قال الكتَّاني: كان ثقة نبيلاً مأموناً، توفي في ربيع الآخر.
ومحمد بن الفضل بن نظيف، أبو عبد الله المصري الفرّاء، مسند الديار المصرية، سمع أبا الفوارس الصابوني، والعباس بن محمد الرافقي وطبقتهما، وأمَّ بمسجد عبد الله سبعين سنة، وكان شافعياً، عمّر تسعين سنة وشهرين، توفي في ربيع الآخر.
والمسدَّد بن علي، أبو المعمَّر الأملوكي، خطيب حمص، سمع الميانجي وجماعة، ثم سكن دمشق، وأمَّ بمسجد سوق الأحد، قال الكتَّاني: فيه تساهل.
والمفضل بن إسماعيل بن أبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي الجرجاني، أبو معمَّر الشافعي، مفتي جرجان ورئيسها ومسندها، وكان من أذكياء زمانه.
روى عن جدّه، وطائفة كثيرة، توفي في ذي الحجة.

.سنة اثنتين وثلاثين وأربعمئة:

فيها استولت السلجوقية على جميع خراسان، وكرّ مسعود إلى غزنة وبدا منهم من القتل والنهب والمصادرة، ما يتجاوز الوصف، وأما البغاددة، فالهوى قائم بين الرافضة والسنّة، وكل وقت تستعر الفتنة، ويقتل جماعة.
وفيها توفي المستغفري، الحافظ أبو العباس جعفر بن محمد بن المعتز ابن محمد بن المستغفر بن الفتح النسفي، صاحب التصانيف الكثيرة. روى عن زاهر السرخسي، وطبقته، وعاش ثمانياً سنة. وكان محدِّث ما وراء النهر في زمانه.
وعبد الباقي بن محمد، أبو القاسم الطحّان، بغدادي ثقة، عاش ثمانياً وثمانين سنة، وروى عن الشافعي، وابن الصواف وغيرهما.
وأبو حسّان المزكِّي، محمد بن أحمد بن جعفر، شيخ التزكية والحشمة بنيسابور، وكان فقيهاً ثقة صالحاً خيِّراً، حدّث عن محمد بن إسحاق الضبعي، وابن نجيد وطبقتهما.
ومحمد بن عمر بن بكير النجار، أبو بكر البغدادي المقري، عن ست وثمانين سنة. روى عن أبي بحر البربهاري، وأبن النّصبي وطائفة.

.سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة:

فيها عسكر الملك أبو كاليجار، ودفع عسكر الغزّ عن همذان.
وفيها بغداد على حالها من الضعف والرفض والنهب والفتن.
وفيها توفي أبو نصر الكسَّار، القاضي أحمد بن الحسين الدِّينوريّ. سمع النَّسائي من ابن السُّنّي، وحدّث به، في شوال من السنة.
وأبو الحسن بن فاذشاه، الرئيس أحمد بن محمد الحسين الأصبهاني الثاني الرئيس، راوي المعجم الكبير عن الَّبراني، توفي في صفر، وقد رمي بالتشيُّع والاعتزال.
وأبو عثمان القرشي، سعيد بن العباس الهرويّ المزكِّي الرئيس، في المحرم، وله أربع وثمانون سنة. روى عن حامد الرفّا، وأبي الفضل بن خميرويه وطائفة. وتفرّد بالرواية عن جماعة.
وأبو سعيد النضروي، عبد الرحمن بن حمدان النيسابوري، مسند وقته، وراوي مسند إسحاق بن راهويه عن السمذي. روى عن ابن نجيد، وأبي بكر القطيعي، وهذه الطبقة. توفي في صفر، وهو منسوب إلى جدّه، نضرويه.
وأبو القاسم الزَّيدي الحرَّاني، علي بن أحمد بن علي العلوي الحسيني الحنبلي المقري، في شوال، بحرّان، وهو آخر من روى عن النقاش القراءات والتفسير، وهو ضعيف.
قال عبد العزيز الكتَّاني وقد سئل عن شيء: ما يكفي علي بن أحمد الزيدي أن يكذب، حتى يكذب عليه.
قلت: وكان رجلاً صالحاً ربانياً.
وأبو الحسن بن السمسار، علي بن موسى الدمشقي، حدّث عن أبيه وأخويه: محمد وأحمد، وعليّ بن أبي العقب، وأبي عبد الله بن مروان والكبار.
وروى البخاري عن أبي زيد المروزيّ، وانتهى إليه علوّ الإسناد بالشام.
قال الكتّاني: كان فيه تساهل، ويذهب إلى التشيُّع، توفي في صفر، وقد كمَّل التسعين.
وابن عبّاد المعتمد على الله القاضي، وهو أبو القاسم محمد بن إسماعيل بن عبّاد بن قريش اللَّخمي الإشبيلي، الذي ملّكه أهل إشبيلية عليهم، عندما قصدهم الظالم، يحيى بن علي الإدريسي، الملقّب بالمستعلي، وله أخبار ومناقب وسيرة عادلة، توفي في جمادى الأولى، وتملَّك بعده، ولده المعتضد بن عبّاد، فامتدت أيامه.
والسلطان مسعود بن السلطان محمود بن سبكتكين، تملَّك بعد أبيه، خراسان والهند وغزنة، وجرت له حروب وخطوب، مع بني سلجوق، وظهروا على ممالكه، وضعف أمره، فقتله أمراؤه.

.سنة أربع وثلاثين وأربعمئة:

فيها كانت الزلزلة العظمى بتبريز، فهدمت أسوارها، وأحصي من هلك تحت الهدم، فكانوا أكثر من أربعين ألفاً، نسأل الله العفو.
وفيها توفي أبو ذرّ عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن غفير الأنصاري الهروي، الحافظ الفقيه المالكي، نزيل مكة، روى عن أبي الفضل بن خميرويه، وأبي عمر بن حيويه وطبقتهما، وروى الصحيح عن ثلاثة من أصحاب الفربري، وجمع لنفسه معجماً وعاش ثمانياً وسبعين سنة، وكان ثقة متقناً، ديِّناً عابداً، ورعاً حافظاً، بصيراً بالفقه والأصول. أخذ علم الكلام عن ابن الباقلاّني، وصنّف مستخرجاً على الصحيحين، وكان شيخ الحرم في عصره، ثم إنه تزوج بالسروات، وبقي يحج كل عام ويرجع.
وعبد الله بن غالب بن تمام، أبو محمد الهمداني الماكي، مفتي أهل سبتة وزاهدهم وعلمهم، دخل الأندلس، وأخذ عن أبي بكر الزبيدي، وأبي محمد الأصيلي، ورحل إلى القيروان، فأخذ عن أبي محمد بن أبي زيد، وبمصر عن أبي بكر المهندس، وكان علامة متيقظاً ذكيّاً، مستبحراً من العلوم،
فصيحاً مفوّهاً قليل النظير، توفي في صفر، عن سّنٍ عالية.

.سنة خمس وثلاثين وأربعمئة:

فيها استولى طغرلبك السلجوقي على الريّ، وخرّبها عسكره بالقتل والنهب، حتى لم يبق بها إلا نحو ثلاثة آلاف نفس، وجاءت رسل طغرلبلك إلى بغداد، فأرسل القاضي الماوردي إليه، يذمُّ ما صنع في البلاد، ويأمره بالاحسان إلى الرعية، فتلقّاه طغرلبك، واحترمه إجلالاً لرسالة الخليفة.
واتفق موت جلال الدولة السلطان ببغداد بالخوانيق، وكان ابنه الملك العزيز بواسط.
وفيها وصلت عساكر السلجوقية إلى الموصل، فعاثوا وبدّعوا، وأخذوا حرم قرواش، فاتفق قرواش ودبيس بن علي الأسدي على لقاء الغزّ، فهزموهم. وقتل من الغزّ مقتلة عظيمة.
وفيها خطب ببغداد، لأبي كاليجار، مع الملك العزيز، بعد موت جلال الدولة. وكان جلال الدولة، ملكاً جليلاً سليم الباطن، ضعيف السلطنة مصرّاً على اللهو والشراب، مهملاً لأمر الرعية، عاش اثنتين وخمسين سنة، وكانت دلته سبع عشرة سنة، وخلف عشرين ولداً، بنين وبنات، ودفن بدار السلطان ببغداد، ثم نقل.
وفيها توفي أبو الحزم جهور بن محمد بن جهور، أمير قرطبة ورئيسها وصاحبها، ساس البلد أحسن سياسة، وكان من رجال الدهر حزماً وعزماً،
ودهاءً، ورأياً، ولم يتَّسم بالملك، وقال: أنا أدبر الناس، إلى أن يقوم لهم من يصلح. فجعل ارتفاع الأموال بأيدي الأكابر وديعة، وصيّر العوام جنداً وأعطاهم أموالاً مضاربة، وقرر عليهم السلاح والعدّة. وكان يشهد الجنائز، ويعود المرضى، وهو بزيّ الصالحين، لم يتحول من داره. إلى دار السلطنة، توفي في المحرم، عن إحدى وسبعين سنة، وولي بعده ابنه أبو الوليد.
وأبو القاسم الأزهري، عبيد الله بن أحمد بن عثمان البغدادي الصيرفي الحافظ، كتب الكثير، وعني بالحديث. وروى عن القطيعي وطبقته، توفي في صفر، عن ثمانين سنة.
وجلال الدولة، سلطان بغداد، أبو طاهر فيوزجرد بن الملك بهاء الدولة أبي نصر بن الملك عضد الدولة أبي شجاع بن ركن الدولة بن بويه الديلمي، وولي بعده ابنه الملك العزيز أبو منصور، فضعف وخاف، وكاتب ابن عمه، أبا كاليجار مرزبان بن سلطان الدولة، فوعده بالجميل، وخطب للاثنين معاً.
وأبو بكر الميماسي، محمد بن جعفر بن علي، الذي روى موطأ يحيى ابن بكبر عن ابن وصيف، توفي في شوال، وهو من كبار شيوخ نصر المقدسي.
ومحمد بن عبد الواحد بن رزمة أبو الحسين البغدادي البزاز، روى عن أبي بكر خلاّد وجماعة.
قال الخطيب: صدوق كثير السماع، مات في جمادى الأولى.
وأبو القاسم المهلَّب، بن أحمد بن أبي صفرة الأسدي الأندلسي، قاضي المريَّة، أخذ عن أبي محمد الأصيلي، وأبي الحسن القابسي، وطائفة، وكان من أهل الذكاء المفرط، والاعتناء التام بالعلوم، وقد شرح صحيح البخاري، وتوفي في شوال في سنّ الشيخوخة.